مشاركة د.محسن الندوي في مائدة مستديرة حول موضوع: “الجرائم المرتكبة عبر الوسائط الرقمية” بدار المحامي بتطوان

0

شارك د.محسن الندوي رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية و العلاقات الدولية  بالدار المتوسطية للمحامي بتطوان بالمملكة المغربية بحضور قضاة ومحامين واساتذة وحقوقيين وباحثين واعلاميين  الجمعة 30 ماي 2025

بمداخلة : ” تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأمن المجتمعي” . حيث تناول فيها :

 خصائص شبكات التواصل الاجتماعي نذكر أهمها : 

العالمية: حيث تلغى الحواجز الجغرافية والمكانية، وتتحطم فيها الحدود الدولية، إذ يستطيع الفرد في هذا العالم الافتراضي التواصل مع أي شخص في أي مكان.

التفاعلية: فالفرد فيها كما أنه مستقبل وقارئ، فهو مرسل وكاتب ومشارك.

التنوع وتعدد الاستعمالات: حيث يستخدمها الطالب للتعلم، والعالم لنشر علمه وتعليم الناس، والكاتب للتواصل مع القراء…إلخ.

سهولة الاستخدام: فالشبكات الاجتماعية تستخدم بالإضافة للحروف وبساطة اللغة، الرموز والصور التي تسهل للمستخدم التفاعل. حتى الامي في بعض الدراسات يستخدمها …

اقتصادية:إذ تعد اقتصادية في المال، في ظل مجانية الاشتراك والتسجيل،.[1]

كما يمكن إضافة خاصية أساسية لعبت دورا كبيرا حاليا على المستوى السياسي وهي المشاركة؛إذ تشجع وسائل المواقع الاجتماعية المساهمات وردود الفعل من الأشخاص في إطار التعبير النقدي” أي نقد الوضع السياسي والاجتماعي القائم.

التأثير في المجتمع :فإن مواقع التواصل الاجتماعي لم يقتصر فقط على جوانب الترفيه والتواصل، بل أثرت أيضًا في تغيير الأوضاع الاجتماعية والسياسية في العديد من البلدان. بفضل قوتها، استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي أن تؤثر في الرأي العام وتسهم في إحداث تغييرات في المجتمع..

من أمثلة  ذلك حملات التأثير التي قامت بها مواقع التواصل الاجتماعي هي حملة “مقاطعون”، التي تدعو إلى مقاطعة بعض المنتجات وحظيت بتأييد واسع من المواطنين. ومعنى ذلك قدرة مواقع التواصل الاجتماعي على التأثير على الرأي العام في المجتمع المغربي فاق ربما تأثير الأحزاب السياسية في المجتمع.

 تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الأمن المجتمعي

  • أسباب تزايد الاهتمام بتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي:

توصلت دراسات عديدة في هذا الخصوص إلى أن من ضمن أقوى الأسباب التي تجذب الناس لاستخدام تلك الوسائل ما يلي:

  • سهولة التعبير عن الآراء والتوجهات الفكرية.

  • المشاركة في المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

  • التعارف وتكوين العلاقات وتبادل المنافع.

  • البحث عن المعلومة

  • استطلاع الرأي.

  • الاطلاع على مستجدات الأحداث والأخبار.

  • التسويق والتسوق التجاري.

  • التثقيف والتثقّف

  • عرض وجهات النظر السياسية والحزبية والنقابية.

  • المسابقات والألعاب الالكترونية والترفيه.

  • الإعلان والدعاية وعرض المنتجات.

  • نشر ملخصات الدراسات والأبحاث.

  • متابعة أخبار وقصص مشاهير الفن والرياضة والمؤثرين وغيرهم.

كل تلك الإيجابيات لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كان من الممكن أن يمتد استثمارها لصالح تقدّم المجتمعات البشرية من خلال أنسنة أدوات التقنية الحديثة وأجهزة الاتصالات الذكية، لكن اتضح في كثير من الأحيان استغلال استخدامها بطرق سلبية خاطئة، تعدّت ذلك إلى مرحلة الخطورة.

وقد توصل أحد الأفلام الوثائقية الأجنبية عام 2020م والذي تم إعداده من قبل مدراء تنفيذيين سابقين في كبرى الشركات التقنية في وادي السيلكون باسم: (The Social Dilemma) (المعضلة الاجتماعية)، إلى رصد العديد من سلبيات ومخاطر وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة واستغلالها استغلالًا غير أخلاقيًا للتأثير على شخصية الإنسان والتدخل في تنشئة الأجيال وتغيير القيم والإدراك والسلوك و إخضاع النسيج الاجتماعي للمجتمعات لمصلحة كُبرى الشركات المُنتِجة للمواد الاستهلاكية.

وقد اعترف أولئك المدراء بأن وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في نشر الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة وسرقة البيانات وتشجع بشتى الطرق على إدمان التواصل المستمر مع التكنولوجيا وتشجع على العزلة وتعمل على تعميق الاستقطابات الحزبية وتزييف التصويت والتأثير على سلوك وعواطف الناس من دون إثارة وعي المستخدم.

كما أنها وفي سبيل جني المزيد من الأموال والأرباح تّجنّد الذكاء الاصطناعي لجعل المستخدم لهذه البرامج يقضي أكبر وقت ممكن متصفحًا لها بالإضافة إلى سعيهم لتطوير خوارزميات متقدمة لرصد مشاهدات الناس وكل تنقلاتهم من خلال وسائل التواصل والتأثير فيهم من الناحية السيكولوجية واستغلال نقاط الضعف في النفس البشرية.

  • تداعيات وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية و الاجتماعية و التعليمية

كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب عن أرقام مقلقة حول استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بين الأطفال والشباب المغاربة، حيث أظهر بحث حديث شمل 1293 طفلاً وشاباً تتراوح أعمارهم بين 8 و28 عاماً أن 80% منهم يستخدمون الإنترنت، و70% يلجون إلى شبكات التواصل الاجتماعي بشكل منتظم.

ومع ذلك، فإن هذا الاستخدام المكثف للتكنولوجيا الرقمية يأتي مع تداعيات خطيرة على الصحة النفسية والاجتماعية والتعليمية لهذه الفئة.

  • اضطرابات النوم والخلافات العائلية

أبرز البحث أن 43% من المشاركين يعانون من اضطرابات في النوم، بينما أشار 35.6% إلى وجود خلافات متكررة مع العائلة أو الأصدقاء بسبب الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي.

كما أظهرت النتائج أن 41.5% من الشباب شهدوا تراجعاً في نتائجهم الدراسية، مما يؤكد التأثير السلبي لإدمان الشاشات على التحصيل العلمي.

  • التحرش السيبراني وإهمال الخصوصية

من بين النتائج الأكثر إثارة للقلق، صرح ثلث الشباب المشاركين في البحث بتعرضهم للتحرش السيبراني، في حين أن 40% منهم يشاركون بياناتهم الشخصية مع أشخاص لا يعرفونهم.

بالإضافة إلى ذلك، أفاد 40% من المشاركين بأنهم لا يعرفون كيفية تغيير إعدادات الخصوصية على حساباتهم عبر الإنترنت، مما يعرضهم لمخاطر أكبر.

  • تأثيرات نفسية وسلوكية خطيرة

أكد المجلس أن الاستخدام المفرط وغير الملائم للتكنولوجيا الرقمية يؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات النفسية والسلوكية الخطيرة، بما في ذلك تطور السلوكيات الإدمانية والعنيفة، واضطرابات القلق، والانغلاق على الذات، والعزلة، وحتى إيذاء الذات.

كما أشار إلى أن هذه الظاهرة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة مثل الاكتئاب ومحاولات الانتحار.

  • إهمال الحاجات الأساسية

بحسب المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار (CMRPI)، فإن 43% من المستجوبين يهملون حاجاتهم الأساسية مثل الأكل والنوم بسبب الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الرقمية.

  • مخاطر اجتماعية وتعليمية

حذر المجلس من أن العواقب الاجتماعية لهذه الاضطرابات يمكن أن تكون وخيمة، حيث قد تؤدي إلى انقطاع الشباب عن الدراسة، والهدر المدرسي، والإقصاء الاجتماعي، وحتى التشرد.

وأشار إلى أن هذه الظاهرة تهدد بشكل خاص الشباب الذين لا يشتغلون ولا يتابعون أي تكوين.

  • نقص الوعي الرقمي

كشف البحث أيضاً أن 58% من الأطفال والشباب يجدون أنفسهم على مواقع الإنترنت دون رغبتهم، بينما لا يعرف 30% منهم كيفية التمييز بين ما يمكن مشاركته وما لا يمكن.

  • دور الوالدين

على الرغم من المخاطر، أظهر البحث أن العديد من الآباء لا يمانعون استخدام أطفالهم للإنترنت، بل يرغبون في استفادتهم من مزايا التكنولوجيا.

ولذلك  فإن 60% من أولياء الأمور الذين شملتهم الدراسة لديهم رأي إيجابي إلى حد ما حول استخدام أطفالهم للإنترنت.

  • العنف السيبراني في المدارس

سلط تقرير العنف في المدارس في المغرب، الذي تم إعداده سنة 2023، الضوء على تفاقم ظاهرة العنف السيبراني، حيث أشار إلى أن حوالي تلميذ واحد من كل عشرة تلاميذ في المدارس الابتدائية تلقى رسائل غير سارة أو مهينة عبر الإنترنت.

كما أكد التقرير أن العديد من التلاميذ وقعوا ضحايا لمنشورات غير مرغوب فيها على شبكات التواصل الاجتماعي.

  • تهديدات إضافية

أشار المجلس إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي تنطوي على مخاطر أخرى مثل انتشار الأخبار الزائفة، والتحريض على الكراهية والعنف، وحتى تجنيد الأطفال ضمن شبكات إرهابية.

كما حذر من تطور السلوكيات الإدمانية التي يمكن أن تترك آثاراً جسدية ونفسية كبيرة على المستخدمين.

  • المخاطر على الأمن المجتمعي:

ويتمثل ذلك في عدة أوجه وأساليب، منها:

  • اختراق حسابات الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام المعلومات في الاحتيال والسرقة أو في التلاعب بالآراء والتأثير في الانتخابات.

  • تعرّض الحسابات للقرصنة.

  • اختراق الأجهزة غير المحمية وتعرض البيانات للخطر والسرقة.

  • المخاطر الأمنية المتعلقة بالجماعات وتخطيطاتها الإرهابية من خلال تلك المواقع.

  • انتشار أشكال جديدة من الجرائم الجنائية مثل: الابتزاز الالكتروني والتهديد والتشهير والقرصنة المالية وجرائم الاعتداء على الأطفال والتهديدات بالقتل.

  • استخدام المواقع لجمع التبرعات والتحويلات المشبوهة.

  • نشر الشائعات وتهديد الأمن الوطني.

التوصيات و المقترحات

1- أهمية وضع إطار قانوني لتعزيز الاستثمار الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي مع احترام حرية التعبير و الصحافة  في إطار المواطنة الملتزمة (الفصل 37 من الدستور)

2 -أهمية التربية الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي

[1] – نادية بن ورقلة، « دور شبكات التواصل الاجتماعي في تنمية الوعي السياسي والاجتماعي لدى الشباب العربي»، مجلة دراسات وأبحاث. السنة 5، العدد 11، جوان 2013، ص 4.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.