د. الندوي : ثلاث أبعاد استراتيجية في قراءة للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء

0

د.محسن الندوي

رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية

في قراءة للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء يمكن قراءته على مستوى ثلاث أبعاد استراتيجية :

البعد الوطني

اعتبر الخطاب الملكي ان المغرب ظل واضحا في مواقفه، بخصوص مغربية الصحراء، ومؤمنا بعدالة قضيته، ومشروعية حقوقه. وسيواصل العمل، طبقا للمقاربة السياسية المعتمدة ، من طرف منظمة الأمم المتحدة وحدها حصريا، وقرارات مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي وتوافقي.

وهو الحل الذي تجسده مبادرة الحكم الذاتي، نظرا لجديتها ومصداقيتها، وصواب توجهاتها؛ لأنها السبيل الوحيد للتسوية، في إطار الاحترام التام للوحدة الوطنية والترابية للمملكة.

وقد تعزز هذا التوجه بزيادة عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي، والذي يفوق حاليا 163 دولة.

البعد الجهوي

ذكر الخطاب الملكي انه بعد المسيرة الخضراء  واسترجاع المغرب لاقاليمه الجنوبية تغيرت خريطة المملكة؛ وباتت أكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد بدلا من الرباط .التي صارت في أقصى الشمال،

فالمسافة بين أكادير وطنجة، هي تقريبا نفس المسافة، التي تفصلها عن الأقاليم الصحراوية.

ودعا الخطاب الملكي للتفكير بكل جدية  في ربط مراكش وأكادير بخط السكة الحديدية؛ في انتظار توسيعه إلى باقي الجهات الجنوبية، ودعم شبكة الطرق، بالطريق السريع، بين أكادير والداخلة لفك العزلة عن هذه المناطق، في مجال نقل الأشخاص والبضائع، ودعم التصدير والسياحة، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.

وأضاف الخطاب الملكي ان جهة سوس – ماسة يجب أن تكون مركزا اقتصاديا، يربط شمال المغرب بجنوبه، من طنجة شمالا، ووجدة شرقا، إلى أقاليمنا الصحراوية. وذلك في إطار الجهوية المتقدمة، والتوزيع العادل للثروات بين جميع الجهات.

مؤكدا ان التنمية الجهوية يجب أن ترتكز على التعاون والتكامل بين الجهات، وأن تتوفر كل جهة على منطقة كبرى للأنشطة الاقتصادية، حسب مؤهلاتها وخصوصياتها.

وفي رسالة للحكومة،  أكد الخطاب الملكي على أن الدينامية الجديدة على مستوى مؤسسات الدولة، حكومة وإدارة، يجب أن تشمل أيضا المجال الجهوي.

البعد الدولي

ركز الخطاب الملكي أكثر على المستويين المغاربي والإفريقي :

  • مغاربيا

إن الحرص المغربي على تحقيق تنمية متوازنة ومنصفة بكل جهات المملكة، لا يعادله إلا التزامه بإقامة علاقات سليمة وقوية مع الدول المغاربية الشقيقة.

وان الوضع الحالي بالمنطقة وبالفضاء المتوسطي يسائل الجميع، نظرا لما يحمله من فرص وتحديات:

  • إن الشباب المغاربي يطالبون بفضاء منفتح للتواصل والتبادل؛
  • وإن قطاع الأعمال يطالب بتوفير الظروف للنهوض بالتنمية؛

إن التحديات كثيرة ومعقدة والانتظارات كبيرة وتظل الحقيقة  هي أن العدو المشترك لشعوب البلدان المغاربية هو الجمود وضعف التنمية.

  • أوروبيا

في كلمة ذكرها الخطاب الملكي ولكن دلالاتها كبيرة ،  إن الأوروبيين، يحتاجون إلى شريك فعال.

وبالرجوع إلى الخطاب الملكي في القمة العربية الأوروبية في شرم الشيخ بمصر في فبراير 2019 حيث دعا التكتلات العربية الإقليمية، ومن بينها اتحاد المغرب العربي ، إلى ضرورة الاضطلاع بدورها في تطوير العلاقات مع الشريك الأوروبي، وتجاوز العوائق السياسية والخلافات الثنائية التي تعطل مسيرة الإقلاع والتنمية.

  • إفريقيا

إن  الأفارقة جنوب الصحراء، ينتظرون المساهمة في البرامج والتحديات الكبرى للقارة ، خاصة وان  الصحراء المغربية تشكل بوابة المغرب نحو إفريقيا جنوب الصحراء ، حيث اعتبر المغرب منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش في صلب السياسة الخارجية للمغرب.  وحيث قام بالعديد من الزيارات لمختلف الدول الافريقية، وتم التوقيع على حوالي ألف اتفاقية تشمل كل مجالات التعاون،  ومن أجل جعل المغرب فاعلا أساسيا في بناء إفريقيا المستقبل والرفع من مستوى المبادلات التجارية، ومن الاستثمارات المغربية في القارة يتوقف تحقيق هذه الأهداف على وفاء المغرب بالتزاماته، وعلى مواصلة ترسيخحضوره في إفريقيا.

  • عربيا

ذكر الخطاب الملكي في كلمة موجزة ودلالاتها كبيرة أن الأشقاء العرب يريدون مشاركة المغرب الكبير في بناء نظام عربي جديد.

فبخصوص النظام العربي الجديد الذي مازالت لم تتضح معالمه وانني أطرح السؤال هل آن الاوان للتفكير في نظام عربي جديد في ظل الشرخ العربي في الظروف الاقليمية المتسارعة وغير المستقرة الحالية، نفس السؤال طرحه الكاتب السياسي الأميركي المعروف Marc Lynch في مجلة «الشؤون الخارجية الأميركية» (سبتمبر «أيلول» – أكتوبر «تشرين الأول» 2018).متى يمكن الحديث عن نظامٍ عربيٍّ جديد؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.