الذكاء الإصطناعي والأمن السيبراني : المخاطر والفوائد

سمر السعداوي

0

سمر السعداوي طالبة باحثة في كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سوسة_ تونس

عضو في المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية

عضو بالمعهد العالمي للتجديد العربي بوحدة الدراسات القانونية وهيئة الشباب والتنمية

 

المقدمة : شهدت الألفية الأخيرة من الزمن تطورا إلكترونيا مذهلا صاحبه تطور وتبادل المعلومات والتقنيات العلمية ووسائل الإتصال التي أدت إلى فتح أبواب عالمية لتسهيل التعاملات والتبادلات ما بين الأفراد التي تحولت من تعاملات تقليدية إلى تعاملات إلكترونية تبرم عبر فضاء رقمي .

غير أنه في ذات الوقت يعد التطور التكنولوجي المذهل الذي يعيشه العالم في عصر الذكاء الإصطناعي سلاحاً ذو حدين فالبرغم من الإيجابيات التي حققها إلا أن هذا لا ينفي إنعكاساته السلبية حيث يثير تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي مخاوف كبيرة تتعلق بالثقة والأمن، حيث يتطلب التفاعل مع هذه التقنيات مستويات عالية من الاعتمادية والصدق والتطبيق الأخلاقي، ومن جهة أخرى، فإن فكرة الثقة في الذكاء الاصطناعي تتطلب تأكيدًا على مدى الشفافية والقابلية للتفسير والمساءلة لهذه الأنظمة، ويشمل ذلك التعامل مع مخاطر الذكاء الاصطناعي، مثل التحيزات والنتائج غير المقصودة وانتهاكات خصوصية البيانات .

من خلال ما سبق نطرح سؤالا رئيسيا :

هل الذكاء الإصطناعي حليف أم عدو للأمن السيبراني؟

ويتفرع من السؤال الرئيسي الأسئلة التالية:

ما هو مفهوم وأهمية وتقنيات الذكاء الإصطناعي؟ ما المقصود بالأمن السيبراني ، ماهي أهميته وأبعاده ؟ ماهي مخاطر الذكاء الإصطناعي على الأمن السيبراني ؟ وكيف يمكن الإستفادة منه في إدارة مخاطر الأمن السيبراني؟

 

المبحث الأول: الذكاء الإصطناعي

المطلب الأول: مفهوم الذكاء الإصطناعي

الذكاء الإصطناعي (AI) هو فرع من علوم الحاسوب يهدف إلى محاكاة الذكاء البشري في الآلات ويستند هذا الفرع على فرضية أن الذكاء يمكن وصفه بدقة بحيث يمكن للآلة تعلمه وتطبيقه، ويتكون مصطلح الذكاء الإصطناعي من كلمتين ” الذكاء ” و ” الإصطناعي ” ، ويفهم الذكاء هنا على أنه القدرة على إستيعاب وفهم الظروف أوالحالات الجديدة والمتغيرة، أما كلمة الإصطناعي فتعني المصنوع أو المخترع وتستخدم هذه الكلمة لوصف كل الأشياء التي تنشأ نتيجة للنشاط أو الفعل الذي يتم من خلال إصطناع وتشكيل الأشياء، مما يميزها عن الأشياء الموجودة بالفعل والتي تولد بصورة طبيعية دون تدخل الإنسان بناءً على هذا التعريف يمكن القول أن الذكاء الإصطناعي (AI) هو الذكاء الذي يقوم الإنسان بصنعه أو إصطناعه في الآلة أو الحاسوب .

ويرى البعض أن الذكاء الإصطناعي يشير إلى الآلات والأجهزة التي تقوم بمهام تطلب نوعا من الذكاء لفهم العمليات المعرفية مثل تمثيل المعرفة والتخطيط والتعلم وحل المشكلات والتكيف والتفاعل من الناحية الرياضية الذي بدوره سيؤدي إلى تفعيل هذه العمليات في نظام كومبيوتر كما يمكن أن يشير إلى الأساليب المطلوبة لتحقيق ذلك أي الخوارزميات والهياكل الحسابية .

المطلب الثاني: الأهمية وأوجه الإستفادة من الذكاء الإصطناعي

يمكن إبراز أهمية الذكاء الإصطناعي من خلال :

▪️ يعمل الذكاء الإصطناعي على الحفاظ على الخبرات البشرية المتراكمة ونقلها إلى الآلات.

▪️ في المجال الإداري من حيث تساعد الأنظمة الذكية في إتخاذ القرارات الإدارية المعقدة .

▪️ في المجال الهندسي من حيث القدرة على وضع وفحص خطوات التصميم وأسلوب تنفيذه.

▪️ في المجال الطبي من حيث التشخيص للحالات المرضية .

▪️ في المجال العسكري من حيث إتخاذ القرارات وقت نشوب معارك وتحليل المواقف وإعداد الخطط والإشراف على تنفيذها.

كما يمكن الإستفادة من الذكاء الإصطناعي حيث تشمل فوائده في قدرته على تحليل مجموعة بيانات شاسعة أثناء عملية التدريب لإكتشاف الأنماط والإنحرافات التي يمكن أن تشير إلى وجود تهديدات حيث يمكن لنماذج الذكاء الإصطناعي وخاصة خوارزميات تعلم الآلة إكتشاف التهديدات المحتملة بشكل أسرع بكثير من الأنظمة القائمة على القواعد التقليدية، فقد ظهر للذكاء الإصطناعي تطبيقات في مجالات الأمن السيبراني المتنوعة بما في ذلك إكتشاف الإختراق وتحديد البرامج الضارة وتحليل حركة الشبكة وإكتشاف الأنشطة الإحتيالية، بالإضافة إلى ذلك يمكن إستخدام الذكاء الإصطناعي لتعزيز الأمن السيبراني من خلال إستجابات وقائية أكثر فاعلية وبالتالي التخفيف في المخاطر .

المطلب الثالث: تقنيات الذكاء الإصطناعي

تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) هي مجموعة متنوعة من الأساليب التي تستخدمها الآلات والبرمجيات لمحاكاة التعلم البشري والفهم وحل المشكلات. تشمل هذه التقنيات التعلم الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية، ورؤية الكمبيوتر، والشبكات العصبية، والذكاء الاصطناعي التوليدي، وغيرها.

التعلم الآلي (Machine Learning):هو نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يقوم بمهام تحليل البيانات دون تعليمات صريحة. يمكن لتقنية تعلّم الآلة معالجة كميات كبيرة من البيانات التاريخية وتحديد الأنماط والتنبؤ بالعلاقات الجديدة بين البيانات غير المعروفة سابقًا.

الشبكات العصبية الاصطناعية (Neural Networks): تحاكي طريقة عمل الدماغ البشري، وتستخدم بشكل واسع في معالجة الصور والنصوص.

التعلم العميق (Deep Learning): فرع من التعلم الآلي يعتمد على الشبكات العصبية متعددة الطبقات، ويحقق نتائج متقدمة في مجالات مثل التعرف على الصوت والصورة.

معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing):  تُعد معالجة اللغة الطبيعية إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تهتم بالتفاعلات بين اللغات الطبيعية البشرية وأجهزة الحاسوب، بحيث تُبرمج أجهزة الحاسوب لتتمكن من معالجة اللغات الطبيعية البشرية.

الأتمتة والروبوتات ( Automatio ) (Robotics): الأتمتة والروبوتات تُستخدم الأتمتة والروبوتات للقيام بالمهام المتكررة والروتينية، حيث زودت الروبوتات بأوامر مبرمجة لتتمكن من التعامل والتكيف مع المهام الكبيرة، والتي تتغير مع الظروف المحيطة، ويُساعد إستخدام هذه الأتمتة والروبوتات في  الحصول على نتائج أكثر كفاءة وأقل تكلفة، إضافةً إلى قدرتها على تحسين الإنتاج.

أنظمة الخبراء (Expert Systems): هي برامج تُحاكي آداء الخبير البشري في مجال خبرة معين، وذلك عن طريق تجميع واستخدام معلومات وخبرة خبير أو أكثر في مجال معين .

التعلم المعزز (Reinforcement Learning): يُستخدم التعلم المعزز لإنجاز مهام تمتلك قواعد مُحددة وتحتاج إلى خطوات عديدة لإتمامها، بحيث تُزود الخوارزميات بالبيانات الموجهة لإتمام المهمة إضافةً لمنحها إشارات تدلها على الإيجابيات والسلبيات، ولكنّ هذه الخوارزميات تُحدد بنفسها القرارات التي يجب اتخاذها في كل خطوة من خطوات إنجاز المهمة.

المبحث الثاني: الأمن السيبراني/ المفهوم، الأهمية والأبعاد

المطلب الأول: مفهوم الأمن السيبراني

يمكن تعريفه إنطلاقا من أهدافه بأنه النشاط الذي يؤمن حماية الموارد البشرية والمالية المرتبطة بتقنيات الإتصالات والمعلومات ويضمن من إمكانية الحد من الخسائر والأضرار التي تترتب في حال تحقق المخاطر والتهديدات، كما يتيح إعادة الوضع إلى ما كان عليه بأسرع وقت ممكن، بحيث لا تتوقف عجلة الإنتاج، وبحيث لا تتحول الأضرار إلى خسائر دائمة.

نخلص أن الأمن السيبراني هو عبارة عن برامج وآليات تقنية تفعل لمواجهة أي تعدي على المعلومات الإلكترونية بشتى أنواع الجريمة الإلكترونية.

المطلب الثاني : الأمن السيبراني الأهمية والأبعاد

يعد الهدف الأسمى  للأمن السيبراني هو القدرة على مقاومة التهديدات المتعمدة وغير المتعمدة وبالتالي التحرر من الخطر والأضرار الناجمة عن تعطيل أوإتلاف تكنولوجيات المعلومات والإتصالات بسبب إساءة إستخدامها ويتطلب حماية الشبكات وأجهزة الكمبيوتر والبرامج والبيانات من الهجوم أو الضرر أو الوصول غير المصرح به، ونتيجة لأهمية الأمن السيبراني في واقع مجتمعات اليوم فقد جعلته العديد من الدول على رأس أولوياتها خاصة بعد الحروب الإلكترونية التي بدأت تظهر تجلياتها بين بعض الدول الكبرى في إشارة صريحة إلى نهاية الحروب التقليدية التي كانت تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة والإعلان عن بداية حروب جديدة هي الحروب الإلكترونية.

أولا : أهمية الأمن السيبراني .

تكمن أهمية الأمن السيبراني في توفير وضع أمني جيد لأجهزة الكمبيوتر والخوادم والشبكات والأجهزة المحمولة والبيانات المخزنة على هذه الأجهزة من المهاجمين ذوي النوايا الخبيثة

وللأمن السيبراني أهمية كبيرة في كافة المجالات تتمثل في ما يلي :

1/ توفير الحماية الفائقة لخصوصية المعلومات والإبقاء على سريتها وذلك بعدم السماح لغير المخولين بالوصول إليها واستخدامها.

2/ الحفاظ على المعلومات وسلامتها وتجانسها وذلك بكف الأيادي من العبث بها .

3/ تحقيق وفرة البيانات وجاهزيتها عند الحاجة إليها .

4/ حماية الأجهزة والشبكات ككل من الإختراقات لتكون درع واقي للبيانات والمعلومات .

5/ إستكشاف نقاط الضعف والثغرات والأنظمة ومعالجتها .

6/ إستخدام الأدوات الخاصة بالمصادر المفتوحة وتطويرها لتحقيق مبادئ الأمن السيبراني.

7/ توفير بيئة آمنة خلال العمل عبر الشبكة العنكبوتية.

ثانيا : أبعاد الأمن السيبراني: 

يطال الأمن السيبراني جميع المسائل العسكرية، الاقتصادية، الإجتماعية، السياسية، والقانونية بهدف تحقيق منظومة أمن متكاملة تعمل على الحفاظ على الأمن القومي للدولة من كل التهديدات السيبرانية، ويمكن تلخيص الأبعاد الخمسة للأمن السيبراني على النحو التالي :

البعد العسكري :

– تتيح القوة السيبرانية ربط الوحدات العسكرية، مما يسهل تبادل المعلومات والأوامر.

– عدم تأمين الشبكات يمكن أن يؤدي إلى هجمات إلكترونية خطيرة مثل فيروس ستوكسنت الذي استهدف البرنامج النووي الإيراني.

– ربط الوحدات العسكرية عبر الشبكات العسكرية

– حماية الشبكات العسكرية من الاختراق الخارجي

البعد الاقتصادي :

– حماية الاقتصاد الرقمي

– تأمين المعاملات الاقتصادية والمالية

– حماية الصناعات من الهجمات السيبرانية

البعد الاجتماعي :

– حماية الهويات من الاختراق الخارجي .

– توعية المواطنين بمخاطر الفضاء الإلكتروني وحماية أخلاقيات المجتمع .

البعد السياسي :

– حماية نطاق الدولة السياسي وكيانها ومصالحها

– حماية الوثائق الحساسة من التسريبات

– التعامل مع الأزمات الدبلوماسية الناتجة عن الهجمات السيبرانية

البعد القانوني :

– النشاط في الفضاء السيبراني يستدعي اهتمامًا قانونيًا لحل النزاعات.

– تطلبت التحولات في المعلومات ظهور حقوق جديدة مثل حق النفاذ إلى المعلومة، مما يستدعي تحديث القوانين لمواكبة هذه التطورات.

– وضع قوانين تنسجم مع التطورات الحاصلة في مجال الأمن السيبراني

– تفعيل التعاون الدولي المشترك لمكافحة الجريمة السيبرانية.

المبحث الثالث: مخاطر الذكاء الإصطناعي على الأمن السيبراني وأوجه الإستفادة

في هذا المبحث نطرح السؤال الرئيسي لهذا البحث :

هل الذكاء الإصطناعي حليف أم عدو للأمن السيبراني ؟

إذا نظرنا للذكاء الاصطناعي كحليف للأمن السيبراني، فالأمر يعود إلى دوره في كشف التهديدات والوقاية منها، خاصة وأن أغلب أنظمة الأمن التقليدية تعتمد على التوقعات المحددة مسبقاً فقط، ما يضعها في مرمى التهديدات بشكل غير مسبوق، بينما خوارزميات التعلم الآلي للذكاء الاصطناعي تكشف عن بيانات سريعة للتهديدات السيبرانية الناشئة، مما يوفر دفاعاً استباقياً لهذه الهجمات. كما يتفوق في التحليل السلوكي وتحديد الثغرات التي تشير إلى الخرق الأمني المحتمل، إضافة إلى أتمتة التدابير الأمنية ما يزيد من سرعة الاستجابة لأي هجوم.

وفي الوقت ذاته يمكن التعامل مع الذكاء الاصطناعي كعدو محتمل للأمن السيبراني، لإستعانة منفذو الهجمات الإلكترونية بأنظمة ذكاء اصطناعي في تهديد البنية التحتية للمؤسسات، إضافة إلى أن البيانات التي تتناولها خوارزميات الذكاء الاصطناعي قد تكون متحيزة ضد أفراد أو مجموعات وفقاً لعدة عوامل، ما يؤدي إلى تحليلات خاطئة من قبل هذه الخوارزميات. كما أن دخول الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني يهدد دور العنصر البشري في هذا المجال، ويزيد المخاوف من إنتهاك خصوصية الأفراد أثناء جمع المعلومات عنهم.

فما هي مخاطر الذكاء الإصطناعي على الأمن السيبراني؟

تتمثل مخاطر الذكاء الاصطناعي  في سياق الأمن السيبراني  في  إمكانية  استغلال  أدوات الذكاءالاصطناعي، مثل ChatGPT في أغراض خبيثة، مما يؤدي إلى تهديدات لسرية البيانات، وسلامتها ،وتوفرها، كما يمكن أيضًا لهذه الأدوات أن تولد رموزًا خبيثة، وتنتج هجمات سيبرانية متقدمة، وتهدد الخصوصية، والشفافية، وانتشار المعلومات الكاذبة. علاوة على ذل ك فنماذج الذكاء الاصطناعي بما في ذلك التعلم الآلي، والتعلم العميق، والتعلم التعزيزي، ليست مقاومة للهجمات العدائية، مما يشكل خطرًا على صلابتها .

كما تشمل مخاطر الذكاء الاصطناعي في مجال الأمان السيبراني الإمكانية للإستخدام الخبيث للذكاء الاصطناعي، ووجود إجراءات أمان غير كافية، وتأمين المخاطر وإدارة الأمان،  حيث يمكن أن تؤدي هذه المخاطر إلى اختراقات البيانات، والوصول غير المصرح به، والهجمات العدائية، وتهديدات الداخليين، مما قد يعرض أمان أنظمة الذكاء الاصطناعي للخطر،  بالإضافة إلى ذلك،  فإن التقدم السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد تجاوز الأطر التنظيمية القائمة، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى سياسات مرنة وقابلة للتعديل لضمان أنظمة الذكاء الاصطناعي تتوافق مع الإرشادات الأخلاقية والقانونية.

كيف يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إدارة مخاطر الأمن السيبراني ؟

تشمل فوائد الذكاء الاصطناعي في إدارة مخاطر الأمان السيبراني قدرته على تحليل مجموعات بيانات شاسعة أثناء عملية التدريب لاكتشاف الأنماط والانحرافات التي يمكن أن تشير إلى وجود تهديدات، حيث  يمكن لنماذج الذكاء  الاصطناعي ،  وخاصة خوارزميات تعلم  الآلة،  اكتشاف والاستجابة للتهديدات المحتملة بشكل أسرع بكثير من الأنظمة القائمة على القواعد التقليدية، فقد ظهر  للذكاءالاصطناعي تطبيقات في مجالات الأمان السيبراني المتنوعة، بما في ذلك اكتشاف الاختراق، وتحديد البرامج  الضارة،  وتحليل حركة  الشبكة،  واكتشاف الأنشطة الاحتيالية،  بالإضافة إلى  ذلك  يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمان السيبراني من خلال توفير استجابات ورصد وقائية وتنبؤية أكثر فعالية، وبالتالي التخفيف من المخاطر المرتبطة بالأمان السيبراني.

 ويمكن لأنظمة الأمن السيبراني التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أتمتة عمليات الاستجابة للحوادث، مما يقلل الوقت المستغرق لتحديد التهديدات واحتوائها والتخفيف منها،  كما  يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل طبيعة الحادث وتقييم تأثيره والتوصية بالإجراءات المناسبة، فمن خلال التعلم الآلي تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي باستمرار على تحسين قدراتها على الاستجابة من خلال التعلم من الحوادث السابقة والتكيف مع التهديدات الجديدة .

ويتمثل أحد التحديات المهمة في الأمن السيبراني في التمييز بين أنشطة المستخدم المشروعة والسلوك الضار، ويمكن لتحليلات سلوك المستخدم المدعومة بالذكاء الاصطناعي إنشاء أنماط أساسية لأنشطة المستخدم العادية داخل شبكة المؤسسة،  حيث  يمكن أن تؤدي أي انحرافات عن هذه الأنماط إلى إطلاق تنبيهات مما يمكن فرق الأمان من التحقيق والاستجابة الفورية للتهديدات الداخليةالمحتملة أو الحسابات المخترقة، كما يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أيضا تحديد إساءة استخدام المستخدمين مثل الوصول غير المصرح به أو تسرب البيانات غير المعتاد، من خلال تحليل سلوك المستخدم عبر أنظمة متعددة .

كما يمكن التوازن بين الفوائد والمخاطر من خلال :

الاستفادة من الذكاء الاصطناعي: يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحسين الأمن السيبراني، مع الحفاظ على دور العنصر البشري.

التعامل مع المخاطر: يمكن التعامل مع المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي من خلال تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي آمنة وشفافة.

الاستثمار في التدريب: يمكن الاستثمار في تدريب العنصر البشري على استخدام الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني.

ختاماً، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة فعالة تعزز قدرة المؤسسات على إدارة مخاطر الأمن السيبراني بطريقة أكثر احترافية حيث يمتاز الذكاء الاصطناعي بقدرته على تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة، مما يتيح له اكتشاف التهديدات المحتملة بشكل أسرع من الإنسان. كما يمكنه التنبؤ بالتحديات المستقبلية، مما يمكّن المؤسسات من اتخاذ إجراءات وقائية مناسبة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الذكاء الاصطناعي في أتمتة المهام الروتينية المتعلقة بالأمن، مما يوفر الوقت والموارد للخبراء في هذا المجال. وفيما يلي أبرز الفوائد التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في إدارة المخاطر:

الإكتشاف المبكر: يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل البيانات من مصادر متعددة مثل سجلات النظام وحركة مرور الشبكة، مما يسهل اكتشاف التهديدات بسرعة أكبر.

التنبؤ الذكي: يعتمد الذكاء الاصطناعي على البيانات التاريخية لتحديد الأنماط، مما يساعد المؤسسات في التنبؤ بالتهديدات المستقبلية بشكل أكثر دقة.

أتمتة العمليات: يساهم الذكاء الاصطناعي في أتمتة العديد من المهام الأمنية الروتينية مثل معالجة الحوادث، مما يمكّن المتخصصين من التركيز على المهام الأكثر تعقيداً .

الدعم الذكي: يساعد الذكاء الاصطناعي المتخصصين في اتخاذ قرارات مدروسة، مثل تقييم المخاطر ووضع استراتيجيات فعالة للاستجابة للحوادث.

على الرغم من هذه الفوائد، إلا أن هناك تحديات عدة يجب معالجتها قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في إدارة مخاطر الأمن السيبراني. من أبرزها ضرورة تطوير خوارزميات موثوقة وفعالة، بالإضافة إلى الحاجة إلى المزيد من الأبحاث لفهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل في هذا المجال.

وبشكل عام، يعد الذكاء الاصطناعي تقنية واعدة يمكن أن تساعد المؤسسات على إدارة مخاطر الأمن السيبراني بشكل أكثر فعالية. ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح أداة أساسية في هذا المجال .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.