القدس نشأتها عربية : د.محسن الندوي يؤكد في المؤتمر الدولي لدراسات بيت المقدس بجامعة ماردين بتركيا

0

شارك د محسن الندوي رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية في المؤتمر الدولي لدراسات بيت المقدس المنظم بجامعة ماردين ارتوكلو بتركيا 17_18 أبريل 2025

بورقة بحثية حول موضوع المركز القانوني للقدس في إطار القانون الدولي

بمشاركة باحثين وخبراء من المملكة المغربية وتركيا و قطر والاردن و فلسطين وماليزيا ومصر …

 

حيث أكد  د. محسن الندوي في ورقته البحثية أن  القدس مدينة عربية النشأة، سكنها العرب اليبوسيون قبل خمسة آلاف سنة، حيث يعتبر هؤلاْء أول من أسس المدينة المقدسة ، و أورد شهادة الكاتب اليهودي ألفريد لينتال حيث قال :” إن الكنعانيين هم اول من جاء الى فلسطين ثم تتالت بعدها القبائل العربية ثم القبائل العبرية “

فالتاريخ يؤكد انه لم يقم لليهود كيان سياسي في المنطقة أكثر من سبعين عاما على عهد النبيين داود وسليمان عليهما السلام . هذا بينما ظلت المنطقة دائما أرضاً عربية، عريقة في عروبتها .

و أضاف د.الندوي انه فور احتلالها للأراضي العربية سنة 1967 قامت إسرائيل بإصدار سلسلة من التشريعات الغرض منها ضم القدس الشرقية إلى إقليمها، في محاولة منها أن تخلق واقعا فعليا لا يمكن تجاوزه أو التغلب عليه عند أي حل سياسي، وذلك بضم ما تبقى من القدس وجعلها عاصمة موحدة لإسرائيل واتخاذ مجموعة من القرارات الوزارية بغطاء قانوني (أقرها الكنيست) في 27/06/1967، وهي:

  • قانون تعديل أنظمة السلطة والقضاء رقم 11 لسنة 1967.
  • قانون تعديل عمل البلديات رقم 6 لسنة 1967.
  • قانون المحافظة على الأماكن المقدسة لسنة 1967.

لقد ضمت إسرائيل إليها فعليا أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة، وهو الأمر الذي يخالف أساسا الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة. وقد كان الهدف من توسيع حدود مدينة القدس خلق أغلبية يهودية فيها، ولنفس هذه الاعتبارات الديمغرافية وضعت عدة قرى خارج حدود البلدية المدينة.

واستكمالا للتشريعات السابقة قام الكنيست في 30 يوليو 1980 بسن قانون أساسي ينص على جعل القدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، وأكد في نفس الوقت على أن القدس ستصبح مقرا لرئيس الدولة والكنيست والحكومة ومحكمة العدل العليا ويأتي هذا القانون لتكريس الأمر الواقع، حيث أن هذه المؤسسات موجودة أصلا في القدس المعلنة عاصمة للدولة.

اما الاسس التي استندت عليها إسرائيل لضم القدس :

نظرية ملء فراغ السيادة

والتي ترى أن من حق إسرائيل إعلان سيادتها على القدس التي أصبحت على غرار باقي أراضي فلسطين بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين سنة 1947 في حالة فراغ السيادة، كما أن قيام الدولة العربية ومنها الأردن في 5 جوان 1967 بالهجوم على إسرائيل أنهى حماية هذه الدولة للقدس الشرقية بموجب اتفاقية الهدنة وترتب على ذلك حق القوات الإسرائيلية والتي كانت في حالة دفاع عن النفس احتلال المدينة وملء الفراغ في السيادة الذي أصبح قائما بعد تلك الحرب. لكن ذلك محالف للقانون الدولي فلا يمكن التسليم بمنطق أن الإخلال باتفاقيات الهدنة يبرر غزو الأقاليم وإضفاء سيادة جديدة عليها.

نظرية الغزو الدفاعي

وملخص هذه النظرية أنّه يجوز للمنتصر الذي خاض حربا دفاعية أن يقوم بضمّ الأراضي التي احتلّها أو على الأقل الاحتفاظ بها حتى يتقرر مصيرها بعقد معاهدة سلام . و هي متناقضة مع أحكام القانون الدولي، فالهزيمة العسكرية للدولة لا يترتب عليها زوال سيادة الدولة المهزومة على الإقليم الذي تسيطر عليه الدولة المنتصرة.

القرارات التي اتخذتها أجهزة الأمم المتحدة بعد ضم القدس الشرقية

على إثر حرب سنة 1967 واحتلال إسرائيل للأراضي العربية بما في ذلك الجزء الشرقي من مدينة القدس، وقيام إسرائيل مباشرة باتخاذ إجراءات لضم شرق المدينة إلى غربها اتخذت كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن قرارات تدين هذه الإجراءات.

– القرارات التي اتخذتها الجمعية العامة. وأهمها القرارين 2253 و2254 لسنة 1967

وقد جاء في القرار الأول: “إن الجمعية العامة إذ يساورها القلق الشديد للحالة السائدة في القدس نتيجة للتدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير مركز المدينة:

  • تعتبر أن تلك التدابير باطلة.
  • تطلب إلى إسرائيل إلغاء جميع التدابير التي صار اتخاذها والامتناع فورا عن إيتان أي عمل من شأنه تغيير مركز القدس”.

 

قرارات مجلس الأمن حول القدس

يوضح الجدول التالي نماذج من قرارات مجلس الأمن، بخصوص الانتهاكات الإسرائيلية لأحكام وقواعد القانون الإنساني الدولي في القدس

القرار رقم 252 لسنة 1968 يدعو إسرائيل  إلى أن تبطل جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية وجميع الأعمال التي قامت بها إسرائيل بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس

القرار رقم (2334)   لسنة 2016  يؤكد عدم شرعية المستوطنات في القدس الشرقية، ويطالب إسرائيل بالوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية وعدم الاعتراف بأي تغييرات في حدود جوان 1967.

المواقف الدولية من مدينة القدس

  • موقف الولايات المتحدة من مدينة القدس:

إن موقف الولايات المتحدة من القدس يختلف عن موقف أي دولة أخرى لما هو معروف من انحيازها الشديد إلى جانب الكيان، حيث ظهر الموقف الأمريكي خلال إدارة بيل كلينتون (1993 – 2001) في قمة تطوره السلبي بإعطاء الضوء الأخضر للكيان الصهيوني في سياسة الضم الفعلي لمدينة القدس والاعتراف بأن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.وذلك من خلال القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي في دورته رقم (104) في 23 أكتوبر 1995، وهذا التطور يخالف موقف الإدارة الأمريكية المتعاقبة السابقة على عدم نقل السفارة إلى القدس وأن وضع القدس يجب أن تقرره المفاوضات ولا يجوز أن يتقرر من طرف إسرائيل وحدها، حيث وقع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “دونالد ترامب” على هذا القانون بتاريخ 6 ديسمبر 2017 الذي يعد بمثابة الاعتراف الرسمي من طرف الإدارة الأمريكية بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.

  • موقف الاتحاد الأوربي:

إن موقف الاتحاد الأوربي بشأن قضية القدس أكثر إيجابية بالمقارنة مع السياسات الأمريكية، ويتمثل هذا الموقف في وجوب قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القسم الشرقي من المدينة، إلا أن هذه المواقف غالبا ما تتباين بين الوضوح والغموض ويمكن تلخيص الموقف الأوربي في هذه القضية، كما يلي:

  • رفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والتأكيد على أنها محتلة، وتعليق نقل سفارات دول الاتحاد الأوربي إلى القدس إلى حين التوصل إلى تسوية.
  • اقتناع الدول الأوربية من القيام بأي عمل من شأنه أن يفسر على أنه اعتراف ضمني باحتلال الكيان الصهيوني للقدس أو يضفي الشرعية على الاحتلال.
  • التأكيد على ضرورة الانسحاب الصهيوني من الأراضي المحتلة وفي مقدمتها القدس.
  • رفض السياسة الصهيونية في تهويد مدينة القدس، والدعوة للامتثال التام لجميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالطابع التاريخي للقدس.

الموقف العربي والإسلامي

كان الاهتمام العربي والجامعة العربية بمدينة القدس قديما أفضل مما هو حاليا، حيث اتخذت قرارات عديدة في مواجهة الإجراءات الصهيونية بتهويد المدينة وبناء المستوطنات وانتهاكات المقدسات، ومن أهم هذه القرارات:

  • قرار مجلس الجامعة (201) الصادر عام (1950): الذي ينص على ضرورة الإبقاء على الحالة الديموغرافية لمدينة القدس.
  • قرار (202) لعام (1950) الداعي للحفاظ على نسبة ملكية الأراضي في القدس.
  • قرار (707) الصادر عام (1954) تشكيل لجنة إعمار المسجد الأقصى والذي تلاه قرار 1390 عام 1957 لمتابعة الأمر.
  • قرار (5216) عام (1992) الذي ينص على تقديم الدعم المالي الضروري لمدينة القدس وإنشاء صندوق خاص لهذا الغرض.
  • قرارات الإدانة المتتالية حول الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ومصادرة الأراضي والاستيطان.

كما ان لجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي ما فتئت تنتقد كل الإجراءات التي تمس بالوضع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة.

 وختاما :

لا يوجد نقص من الناحية القانونية في  السند الداعم لقضية القدس، حيث إن المركز القانوني للمدينة محفوظ بموجب كافة القرارات الدولية، لكن هناك تعنت إسرائيلي ودعم أمريكي، وعدم تحمل المجتمع الدولي للمسؤولية القانونية والأخلاقية في إلزام إسرائيل تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وخصوصا مدينة القدس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.