أبعاد خطاب ماكرون امام البرلمان المغربي
د.محسن الندوي
رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية و العلاقات الدولية
أولا – أرى ان خطابه عاطفيا حاول يلامس مشاعر المغاربة حيث استذكر فيه و أشاد بالمغرب تاريخيا و بجنوده التي ساهمت في تحرير فرنسا و أيضا من خلال الجالية المغربية التي تشارك وتساهم في حيوية فرنسا والإشادة بالفنانين والمبدعين المغاربة في فرنسا الحاصلين على جوائز فرنسية مرموقة و بإشادته بالنموذج التنموي الجديد.
ثانيا – بخصوص قضية الصحراء المغربية جدد ماكرون موقف فرنسا الداعم لسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية . و أكد على الرسالة الموجهة الى الملك محمد السادس في 30 يوليوز الماضي 2024 وان هذا الموقف ليس فيه عداء لأي احد بل هدا الامر يسمح بفتح صفحة جديدة للتعاون الإقليمي للدول المجاورة للمغرب كما انه ستكون هناك استثمارات في الأراضي الصحراوية ومبادرات مستدامة لصالح السكان المحليين بالمنطقة.
ولكن أسئلة اود طرحها من قبيل : لماذا لم يتطرق ماكرون إلى الجانب التاريخي لمغربية الصحراء عندما كان يسرد في بداية خطابه بعد الجوانب التاريخية الاخرى؟ ولماذا لم ينطق بمغربية الصحراء صراحة واستخدم عبارة سيادة المغرب على الاراضي الصحراوية؟ولماذا اقتصر ذكر ماكرون انه بالنسبة لفرنسا ان حاضر ومستقبل الأراضي الصحراوية تأتي في إطار السيادة المغربية ولم يذكر تاريخ الأراضي الصحراوية كانت تحت السيادة المغربية ؟
ولماذا لم يعلن ماكرون عن إحداث قنصلية فرنسية في الداخلة او العيون مادام انه اعلن عن استثمارات كبرى فرنسية ستتجه الى تلك المنطقة ؟
ثالثا – اعتبر ماكرون ان انه قرر العمل مع الملك محمد السادس من اجل كتابة فصل جديد معا في اطار شراكة استثنائية استراتيجية و فتح فصل جديد للأجيال القادمة في اطار واضح و طموح قائم على القواعد و القيم المشتركة بالسماح بانتقال الانسان و السلع و الأفكار و المواهب للانتقال بكل اريحية في محالات مختلفة منها الطاقات المتجددة و يمكن للمغرب ان على اعتبار ان بلدا فاعل في الطاقات المتجددة يمكن ان يزود أوروبا بهذه الطاقة بالإضافة الى مجالات أخرى كالمجال الرقمي و الدكاء الاصطناعي والاستثمار في التدريب التكوين وتطوير الأنظمة التعليمية بالإضافة للشراكات الجامعية فيما يتعلق بالصناعة و الصحة و المجال الرقمي و الزراعة و الاغدية باعتبار الأمن الغدائي مهم في فرنسا و المغرب و القارة الافريقية.
رابعا – ماكرون الذي دعا إلى وقف اطلاق النار في الحرب في غزة مرر رسالة عبر خطابه العاطفي ان دفاع المقاومة عن نفسها اعتبره “همجي” معتبرا أن “إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها”. في حين ان الفلسطينيين المحتلة ارضهم و الذين بتعرضون للابادة الجماعية لم يتحدث عنهم اطلاقا في خطابه بل كانت كفة كلامه لصالح إسرائيل في إطار ما اعتبره التزام فرنسي في مكافحة معاداة السامية .
خامسا – ماكرون أعلن بشكل ضمني ان فرنسا فشلت في استتاب الامن في منطقة الساحل و الصحراء و يثمن جهود المغرب في تعزيز الامن في هذه المنطقة لمساعدة فرنسا في هذا الامر. من جهة أخرى ماكرون ركز على الجانب الأمني فقط ولم يشر إلى أهمية المبادرة الملكية الأطلسية ذات الطبيعة الاقتصادية والتنموية في افريقيا.
سادسا – ماكرون ربما أتى إلى المغرب ظنا منه انه سيجده كتلميذ طموح ومطيع تابع لفرنسا ولكن الإعلان الموقع بين ماكرون و الملك محمد السادس كان بمثابة تذكير لفرنسا ان المغرب دولة ذات سيادة من خلال ما ورد في الإعلان أن :” الاساس العلاقة بين دولة ودولة، والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفي اختيارات السياسة الخارجية، واحترام الالتزامات المبرمة، والثقة، والشفافية، والتشاور المسبق، وتضامن ومسؤولية كل طرف تجاه الطرف الآخر.”
سابعا – إذا كان ماكرون أعلن عن نيته تطور العلاقات بين البلدين مستقبلا في إطار لجنة خاصة بطرح أفكار بين البلدين في أفق دعوته لزيارة الملك محمد السادس لفرنسا فإنني أرى ان تكون الاستفادة من فرنسا في مجال البحث العلمي و توطين التكنولوجيا والصناعات بالمغرب والتمكين من سيادة الامن الغذائي لأن الاستثمارات و الميزان التجاري بين فرنسا و المغرب اكيد سيكون لصالح فرنسا لذلك ينبغي علينا ان نتعامل مع فرنسا باعتبارها بلدا متقدما في إطار مقولة علمني كيف أصطاد خير من أن تعطيني كل يوم سمكة.